أتحدث مع سائق سيارة الأجرة في طريقي الى مطار الملكة علياء الدولي لقتل الوقت. أمامي 35 دقيقة لأصل و95 أخرى تفصلني عن مقعدي في طائرة الخطوط الجوية المصرية و65 دقيقة تبدو لي عمرا كاملا بيني وبين حبيبتي قاهرة المعز.
أنتظر دوري في صف طويل ليختم الضابط المسؤول جواز سفري الفلسطيني، تتصاعد دقات قلبي مع كل خطوة أقترب بها من الضابط "ماذا لو لم يسمح لي بالدخول، كيف سأشرح له أنه من حقي أن أكون هنا، كيف سأترجم له إحساسي بأن لي فيها بمقدار ما له؟"
محطتي الاولى كانت في شارع هدى شعراوي المتفرع من ميدان طلعت حرب والمجاور لميدان التحرير دارت بنا السيارة حول الميدان لتدخل شارع طلعت حرب، تعلقت عيناي بما تبقى من 25 يتاير: بعض الخيم والشباب الجالس حول الرقعة الدائرية التي تتوسط الميدان وعدد من الباعة المتجولين.
سائق السيارة يرمقهم ولكن بعيون مختلفة "شايفة يا آنسة، هنا في كل حاجة، الخيم دي فيها أكل وخمرة وعلاقات بين ولاد وبنات"
حدقت في الخيام الصغيرة المفتوحة من الجانبين "أكل وخمرة وعلاقات بين ولاد وبنات" في خيمة مفتوحة من الجانبين؟ ممكن؟!
وصلت الى مطعم فلفة لا شيء يتغير في القاهرة، جميلة، سريعة، دافئة، هادئة برغم الصخب لا تزال تفتح ذراعيها لي وليس لي وحدي. حوض السمك لا زال في مكانه في مدخل المطعم مفتقدا السلحفاة العجوز التي فكرنا أنا وصديقي ليام منذ ثلاثة أعوام بخطفها واعادتها الى البحر الكبير.
لقاء انجي كان علاقتي بالمكان وتبادل الاحاديث صوتا وصورة بعد عامين من الحديث من خلال شاشتي جهازينا الصغيرين. الضحكات الدافئة نفسها ولكن مع رنات حقيقية اليوم.
هاتفي لا يهدأ أتصل ب مهاـ علي، أسامة، محمد، مؤمن وكل من لا زلت أحتفظ برقمه لأتأكد أني في القاهرة وأنا أقولها في كل مكالمة أجريها.
(يتبع)