"الأقصى في خطر هل من مجيب"
"لو الصهاينة دخلوا الأقصى سيكون هذا المسمار الأخير الذي يدق في نعشهم"
"لن نسكت عن إهانة الأقصى"
هذه وغيرها كانت التغريدات التي زخت من سماء موقع تويتر ما بين الساعة الثانية والثالثة صباحا من يوم 12/2/2012 ليتبعها حزن وعويل على وفاة ويتني هيوستن فينسى معظم المغردين الأقصى والقدس وفلسطين ويستبدلون الأغاني التي تمجد القدس وتعد بالنصر والعودة بأغاني الراحلة السمراء، كدت اشكر رحمة السماء لوفاة جلال عامر لنحزن على ما يخصنا ويحزننا.
عام جديد من الكبت والتسلط والظلم لم يختلف عن سابقاته من الأعوام وموجة أخرى من السخط على الحال العربي المتردي يوما بعد يوم، الحال العربي لم يتغير منذ أن استيقظ الإنسان على كونه عربيا مستهدفا كلما علا صوته مطالبا بالحرية التي لم تتخلى لليوم عن لونها الاحمر، عام لم ينسى تكرار المزايدات على الشعب الفلسطيني وحثه بكافة أشكال النداء على النهوض والمقاومة والجهاد في سبيل الانعتاق من الاحتلال الاسرائيلي.
الا ان الناظر الى التاريخ الفلسطيني يراه مشرفا بل وأكثر اشراقا وتشريفا من تواريخ دول الطوق على الأقل –لا أشير هنا الى الثورات العربية الحاصلة الآن- فتاريخنا لم يخل من المقاومة بكافة أشكالها فإضراب عام 1936 ومعركة القسطل التي استشهد فيها عبدالقادر الحسيني دفاعا عن القدس واستشهاد عز الدين القسام في أحراش يعبد دفاعا عن ارض الوطن رغم شح الموارد وندرة السلاح والمظاهرات الشعبية التي قضت مضاجع العدو الصهيوني والتي كان أبرزها اضراب عام 1936 وحتى الانتفاضة الاولى ومحمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي ومعارك مقاومة قطعان الهاجاناة في العام 1948 بالرغم من كون المجتمع الفلسطيني مجردا من السلاح آنذاك أبان الاستعمار البريطاني وغلبة الطابع الزراعي على معظم مدن فلسطين وقراها. وصولا للانتفاضة الاولى التي دامت سبع سنوات كان سلاح الفلسطيني بها الحجارة الا من رحم ربي واستطاع حمل السكين او حصل على قطعة سلاح خجولة أمام رشاشات العدو الصهيوني وصولا بالتاريخ المعاصر لفلسطين الذي نعيشه كل يوم.
والقاريء في تاريخ فلسطين والمنطقة لن يغفل حقيقة واحدة: الهزيمة كانت مدبرة وحتمية حيث بيعت الارض وقسمت من قبل أن تطلق أي رصاصة من أي جنسية سواءا في معاهدات او اتفاقيات تحت وفوق الطاولة نعلم بعضا منها والكثير لم يرى النور بعد فلا لوم على الفلسطيني.
كل هذه المواقع لا اراها إلا شرفا للفلسطيني وعارا على حكام العرب ومجالس الامن التي لا نهاية لها ووزراء الدول العربية الذين لا يزالون مؤكدين على نيتهم الاجتماع ومناقشة أي طارئ "يمس" كرامة العربي وأمنه وأمانه.
فلسطين معضلة التاريخ وهادمة ملذات الزمان من نكبتها حتى نكستها ومن نكستها حتى انتفاضتها وصولا بسلتطها. ولذلك سأترك فلسطين جانبا فلا جدوى من تكدير الصفو العام وقض المضاجع بقصة الاقصى التي بات حكامنا في سرائرهم يتمنون هدمه فلا يعدمون العذر لنسيان فلسطين، كيف لا والاقصى لم يعد موجودا ان شاءوا ولن يشاء الله.
عدنان خضر المعتقل السياسي الفلسطيني في سجون الاحتلال الاسرائيلي منذ 17/12/2011 والذي عبر عن رفضه للاعتقال الغير مبرر بإضرابه عن الطعام حيث اعتقل اداريا مما يعطي سجانيه حق التحفظ عليه للتحقيق وتجديد الاعتقال الاداري ما استدعى ذلك.
يتم خضر يومه الستين ويعاني من سوء المعاملة والحاجة الماسة الى العناية الطبية بعد تدهور حالته الصحية من تضخم في عضلة القلب وضعف في الرؤية وصعوبة في الكلام والحركة وتساقط الشعر الى الدخول في غيبوبة والتي زادها سوءا تنقله بين 5 مستشفيات ومراكز طبية من قبل معتقليه بحيث لم يجضع للفحوصات اللازمة أو العناية المستمرة التي تستدعيها حالته.
وبالرغم من المسيرات التي نددت بظروف اعتقال خضر وناشدت المجتمع الدولي التدخل لانقاذ عدنان جاء التجاوب ضعيفا ممجوجا كالعادة: استنكار ظروف الاعتقال، ابداء الأمم المتحدة قلقها الشديد لتردي حالة خضر الصحية وعرض مصر التدخل لانقاذ حياة الاسير المضرب عن الطعام منذ 57 يوما.
إلا هذه المبادرات والمشاعر الكريمة التي ابداها العالم مشكورا لم تأتي بحل جذري أو ما يقاربه لمشكلة الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية التي بلغ عددهم من الأسرى الفلسطينيين والعرب بالسجون والمعتقلات الإسرائيلية بلغ 8000 أسير، مقارنة بـ 1500 أسير فقط قبيل اندلاع انتفاضة الأقصى عام2000، ومن بين هؤلاء الأسرى 240 طفلا و73 امرأة وفتاة، وكلهم موزعون على 22 سجنا ومعتقلا إسرائيليا داخل وخارج الخط الأخضر، وقد سجلت جمعيات حقوق الإنسان استشهاد 103 أسرى من جراء التعذيب.ولم تتطرق الى الشروط والظروف التي تستدعي الاعتقال الاداري كون اسرائيل دولة ينظر لها كدولة احتلال.
ولا أرى الآن إلا صورا من ألبوم فلسطين السميك دماء وقتلى وجرحى وأسرى وصورة أخيرة في الالبوم: تقبل على مضض لما نعيشه اليوم والتعلق ببارقة أمل يمكن ان تخرج من أرض مجاورة أو من معتقل كالشيخ عدنان خضر الذي لن تفلح روحه الا بتطهير نفسها.
لا الجامعة العربية ولا مجلس الامن من سيسدل الستار على 63 عاما من الاحتلال ولن يقنع المحتل الاسرائيلي بمغادرة الارض وتسليم الصولجان.
هي لكم الارض لكم أن تنتزعوها أو تسكنوها.