
Mutaz is a 10 years old child, energetic, smart and as happy as most of his peers. He is also a talented Dabka dancer (Palestinian folk dancing).
where i can post my feelings, wishes and fears.
It is impossible not to recognize the astonishing profound revolution Egyptians has accomplished in the past year in their journey to advance democratic self-rule, the Egyptian revolution challenged the claims that nonviolence resistance against authoritarianism and structural injustice won’t work in the Middle East. This example Egyptian youth, intellectuals and former government opponents have set with their determination and will to change the reality in Egypt that has been present for the last 60 years.
I have met with several ordinary people, activists, intellectuals and scholars, who participated actively in the revolution, I have read some of the work and books that came out to talk about it in addition to visiting Egypt itself and spend a good time in the streets of Cairo to add to the past year of following the revolution development closely since the day it started till the current time that was marked with hope, fear and belief in people’s potential has revealed the dangers which a country like Egypt in its weight in the region’s geopolitics. The political humor, external actors, Islamist movements and former regime actors sharing the formation of Egypt’s future with the absence of revolution makers contribution which is believed due to lack of education and political experience and fragmentation as well as the rush to see the fruits of achieving what was impossible one day.
Few initiatives showed that there’s hope if the community and revolution makers could understand the elements of success: Education, awareness, estimating chances and dangers, understanding that reform is a long process that doesn’t end when elections are called for or when a president is elected.
The romanticism revolts are holding to is what slows their awakening and in my opinion to understand that the revolution is the first step but not the goal is the door to work on developing democratization and self-rule state.
Nevertheless, I see a number of observations Egypt is now:
1- A country that has been under the militant control for over 60 years needs a longer time than expected by Egyptians to have reform, democracy, change and self-rule take place, the rush from many currents and revolts to make this happen in a year or two is dragging the country back if they didn’t get this in time
2- It is very natural and healthy that many currents, movements and politicians from different background appear on surface after toppling the system in Egypt trying to find a spot under the sun of the new era of Egypt, the frustration that I have sensed in the streets longing for stability and security (which is normal) by ordinary people is also holding the awakening needed in Egypt
3- Initiatives rising to educate, spread awareness and the very hard work to reform media is one of the positive sides I have touched in and I have faith in
4- Despite the confusion the huge number of presidential candidates and movements running for power position in the country I see this as a sign of “breaking the fear” that has been the problem for years in Egypt and delayed the revolution that had to take place at least 10 years ago. The disagreement with the current parliament and the background of most of the presidential candidates should not be worrying as it takes 2-3 governments\ Parliaments to achieve the goals Egypt is waiting for.
Bottom line, Egypt is in a good place and I see hope if Education on both political and Academia level was achieved.
"الأقصى في خطر هل من مجيب"
"لو الصهاينة دخلوا الأقصى سيكون هذا المسمار الأخير الذي يدق في نعشهم"
"لن نسكت عن إهانة الأقصى"
هذه وغيرها كانت التغريدات التي زخت من سماء موقع تويتر ما بين الساعة الثانية والثالثة صباحا من يوم 12/2/2012 ليتبعها حزن وعويل على وفاة ويتني هيوستن فينسى معظم المغردين الأقصى والقدس وفلسطين ويستبدلون الأغاني التي تمجد القدس وتعد بالنصر والعودة بأغاني الراحلة السمراء، كدت اشكر رحمة السماء لوفاة جلال عامر لنحزن على ما يخصنا ويحزننا.
عام جديد من الكبت والتسلط والظلم لم يختلف عن سابقاته من الأعوام وموجة أخرى من السخط على الحال العربي المتردي يوما بعد يوم، الحال العربي لم يتغير منذ أن استيقظ الإنسان على كونه عربيا مستهدفا كلما علا صوته مطالبا بالحرية التي لم تتخلى لليوم عن لونها الاحمر، عام لم ينسى تكرار المزايدات على الشعب الفلسطيني وحثه بكافة أشكال النداء على النهوض والمقاومة والجهاد في سبيل الانعتاق من الاحتلال الاسرائيلي.
الا ان الناظر الى التاريخ الفلسطيني يراه مشرفا بل وأكثر اشراقا وتشريفا من تواريخ دول الطوق على الأقل –لا أشير هنا الى الثورات العربية الحاصلة الآن- فتاريخنا لم يخل من المقاومة بكافة أشكالها فإضراب عام 1936 ومعركة القسطل التي استشهد فيها عبدالقادر الحسيني دفاعا عن القدس واستشهاد عز الدين القسام في أحراش يعبد دفاعا عن ارض الوطن رغم شح الموارد وندرة السلاح والمظاهرات الشعبية التي قضت مضاجع العدو الصهيوني والتي كان أبرزها اضراب عام 1936 وحتى الانتفاضة الاولى ومحمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي ومعارك مقاومة قطعان الهاجاناة في العام 1948 بالرغم من كون المجتمع الفلسطيني مجردا من السلاح آنذاك أبان الاستعمار البريطاني وغلبة الطابع الزراعي على معظم مدن فلسطين وقراها. وصولا للانتفاضة الاولى التي دامت سبع سنوات كان سلاح الفلسطيني بها الحجارة الا من رحم ربي واستطاع حمل السكين او حصل على قطعة سلاح خجولة أمام رشاشات العدو الصهيوني وصولا بالتاريخ المعاصر لفلسطين الذي نعيشه كل يوم.
والقاريء في تاريخ فلسطين والمنطقة لن يغفل حقيقة واحدة: الهزيمة كانت مدبرة وحتمية حيث بيعت الارض وقسمت من قبل أن تطلق أي رصاصة من أي جنسية سواءا في معاهدات او اتفاقيات تحت وفوق الطاولة نعلم بعضا منها والكثير لم يرى النور بعد فلا لوم على الفلسطيني.
كل هذه المواقع لا اراها إلا شرفا للفلسطيني وعارا على حكام العرب ومجالس الامن التي لا نهاية لها ووزراء الدول العربية الذين لا يزالون مؤكدين على نيتهم الاجتماع ومناقشة أي طارئ "يمس" كرامة العربي وأمنه وأمانه.
فلسطين معضلة التاريخ وهادمة ملذات الزمان من نكبتها حتى نكستها ومن نكستها حتى انتفاضتها وصولا بسلتطها. ولذلك سأترك فلسطين جانبا فلا جدوى من تكدير الصفو العام وقض المضاجع بقصة الاقصى التي بات حكامنا في سرائرهم يتمنون هدمه فلا يعدمون العذر لنسيان فلسطين، كيف لا والاقصى لم يعد موجودا ان شاءوا ولن يشاء الله.
عدنان خضر المعتقل السياسي الفلسطيني في سجون الاحتلال الاسرائيلي منذ 17/12/2011 والذي عبر عن رفضه للاعتقال الغير مبرر بإضرابه عن الطعام حيث اعتقل اداريا مما يعطي سجانيه حق التحفظ عليه للتحقيق وتجديد الاعتقال الاداري ما استدعى ذلك.
يتم خضر يومه الستين ويعاني من سوء المعاملة والحاجة الماسة الى العناية الطبية بعد تدهور حالته الصحية من تضخم في عضلة القلب وضعف في الرؤية وصعوبة في الكلام والحركة وتساقط الشعر الى الدخول في غيبوبة والتي زادها سوءا تنقله بين 5 مستشفيات ومراكز طبية من قبل معتقليه بحيث لم يجضع للفحوصات اللازمة أو العناية المستمرة التي تستدعيها حالته.
وبالرغم من المسيرات التي نددت بظروف اعتقال خضر وناشدت المجتمع الدولي التدخل لانقاذ عدنان جاء التجاوب ضعيفا ممجوجا كالعادة: استنكار ظروف الاعتقال، ابداء الأمم المتحدة قلقها الشديد لتردي حالة خضر الصحية وعرض مصر التدخل لانقاذ حياة الاسير المضرب عن الطعام منذ 57 يوما.
إلا هذه المبادرات والمشاعر الكريمة التي ابداها العالم مشكورا لم تأتي بحل جذري أو ما يقاربه لمشكلة الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية التي بلغ عددهم من الأسرى الفلسطينيين والعرب بالسجون والمعتقلات الإسرائيلية بلغ 8000 أسير، مقارنة بـ 1500 أسير فقط قبيل اندلاع انتفاضة الأقصى عام2000، ومن بين هؤلاء الأسرى 240 طفلا و73 امرأة وفتاة، وكلهم موزعون على 22 سجنا ومعتقلا إسرائيليا داخل وخارج الخط الأخضر، وقد سجلت جمعيات حقوق الإنسان استشهاد 103 أسرى من جراء التعذيب.ولم تتطرق الى الشروط والظروف التي تستدعي الاعتقال الاداري كون اسرائيل دولة ينظر لها كدولة احتلال.
ولا أرى الآن إلا صورا من ألبوم فلسطين السميك دماء وقتلى وجرحى وأسرى وصورة أخيرة في الالبوم: تقبل على مضض لما نعيشه اليوم والتعلق ببارقة أمل يمكن ان تخرج من أرض مجاورة أو من معتقل كالشيخ عدنان خضر الذي لن تفلح روحه الا بتطهير نفسها.
لا الجامعة العربية ولا مجلس الامن من سيسدل الستار على 63 عاما من الاحتلال ولن يقنع المحتل الاسرائيلي بمغادرة الارض وتسليم الصولجان.
هي لكم الارض لكم أن تنتزعوها أو تسكنوها.
ولدت من رحم طيب
جمعت تشاكيل طيبة
ولدت في الأرض الخطأ
تلاعبت في حويصلاتي النسائم الخطأ
"لديك من الحظ الكثير" يقول
مشيت في طريق ظننته طويل
طووا أرضا حملها ثقيل
ما كنت قد تعلمت أن ألمس تجاعيد الوجوه
لم يدر في خيالي الأعمى أن خلف الجبال جبال
فطفقت أطوي السنين لأشتم النسائم التي ظننت أن قد لا تكون الخطأ
يقول "لديك من الحظ الكثير"
عند بائع ما في شارع ما في بلدة ما
يرمي قطعا معدودة "أريد إثنين بهذه"
يهتز إدراكي بشدة
تنسلخ من حولنا كل الأغلفة
لا شيء يبعث الدفء
لا تلتقي عينانا وأنا الضعيفة الملفلفة برحم أمي
وهو الضعيف بلا رحم أمه
أذكر حين قال لي "لديك من الحظ الكثير"
تخطوا أول خطواتها
تتمايل يمينا ويسارا فأضحك وتضحك
تعود فتتمايل من أجلي فأبكي وتضحك
أعطيها خفقات قلبي اليوم ودموع عيني غدا
وأرجوا الله أن تسيل دمائي من جرحها فيلتئم
وبعد غد؟
"ألديها من الحظ الكثير؟" أسأل أنا
من غيري أنا ألديها من الحظ الكثير؟
تخطيط يرنامج اليوم في القاهرة صعب وانا التي اعتدت التنقل في رام الله التي يبعد أقصاها عن أقصاها في أوقات الزحام الخانق 45 دقيقة على الأكثر. حاولت التأقلم مع مواعيد أصدقائي التي تبدأ في السابعة وألقاهم التاسعة مساءا لأسقط أخيرا في دولاب الساعات الكبير ولا أملّ الانتظار لساعة او اثنتين.
مهما كبرت القاهرة فهي صغيرة، اليوم سأتناول الافطار مع إنجي في الزمالك، أصل "بوتري" وأتوجه الى الطاولة التي تحتلها مع ياسمين! ومرة أخرى تجدنا ياسمين في سكويا. دافئة الصدف في القاهرة والابتسامات التي لا تفارق الوجه حتى في أحلك الظروف.
ساعود قليلا الى اليوم الأول في القاهرة، في فلفلة. أنا وإنجي ومها وحمزة؛ تحدثنا اليوم الى جانب الكثير من الاحاديث التي لا تنضب في القاهرة عن آخر صيحات فتاوى شيوخ العالم الاسلامي"الكوسا والخيار وقيادة السيارة والجلوس في المقعد الامامي الذي يهدد المرأة بفقد العذرية" و "تغطية العيون المثيرة" واكثر الفتاوى مدعاة للسخرية "تحريم جلوس المرأة على المقاعد" سيل لا ينتهي من الفتاوى التي لا تتعب من تمزيق جسد المرأة تنفجر أنجي ضاحكة بمرارة "إوئدونا! بتخلفونا ليه".
لفت انتباهي الذكاء الحاد في أطفال الشوارع والقدرة على تحليل التفاصيل فلا أقاوم رغبتي في الحوارات القصيرة معهم بالرغم من التحذير الدائم من الجالس معي في القهوة. كنا خمسة نتحدث بشغف ونتبارى من الأكثر عنصرية القاهريون أم النابلسيون. اقتربت مني فتاة لا تتجاوز الستة أعوام:
- "أنا مش عاوزة فلوس أنا جعانة"
- "وأنا زيك ما بدي مصاري"
- "اتكلمي عربي" التفتت الى أصدقائي متسائلة "مش بتتكلم عربي؟"
- "طيب هيني بحكي عربي"
- "لأ اتكلمي عربي من اللي كانوا فاهمينه وانت بتكلميهم"، ثم نظرت الى اصدقائي "قولولها"
تابعت محاورتها بلهجتي النابلسية التي تقف ثقيلة الى جانب اللهجة المصرية المرحة والتي أتعبت ذات الستة أعوام فتركتني ومشت الى طاولة أخرى ربما جائعة كما اخبرتني.
في البستان مرة أخرى مع أسامة وعلي وينضم إلينا مؤمن ورامي بعد يوم طويل في المستشفيات وأقسام الشرطة. في غمرة الحديث تمر في الشارع المجاور مسيرة صغيرة تضج بهتافات يغلب عليها الهتاف الأكثر شعبية "يسقط يسقط حكم العسكر"، يغلب التوتر على وجهي وأسامة وعلي. أدرت وحهي باتجاه علي وأسامة: "نفكح؟"
مؤمن: "أيوة نفكح" مع ابتسامة عريضة تغطي وجهه.
أسامة: "لأ نفكح يعني نهرب من المظاهرة"
مؤمن وقد أدار وجهه ناحية المسيرة والابتسامة تتسع: "أيوة نفكح للمظاهرة"
تهدأ الاصوات وتعود مرة أخرى أقرب فيعود الجندي الى معركته وأعود مع أصدقائي الى المنزل.
اليوم الأخير في القاهرة بدا أقصر مما هو، أستيقظت في التاسعة صباحا وماطلت وحاربت عقارب الساعة ما استطعت، أجريت مكالمات لا تعد مع طارق وأحمد وعلي وإنجي ومؤمن وكثيرين، إلا أن المواعيد التي حددتها معهم أو لم أحدد لم تبعد عني شبح الرحيل.
الوداع الأول في السادس من أكتوبر: والدة داليا وحمزة وأسامة وياسمين. ومن ثم لقاء إيان والتعرف على طفله الجميل جونو الذي تعلق بعنقي ولف ساقيه حول خصري حين هممت بمغادرة المنزل. ربما كان جونو الأقرب إلى قلبي فأحس به، لم يرغب أن يراني أغادر عتبة المنزل ولم أرغب أن أفلت من ذراعيه الي كانت ستربطني في القاهرة ربما يوما آخر.
تمشينا أنا وإنجي في شوارع مصر الجديدة وتناولنا العشاء الأخير في أحد مطاعمها ثم قابلت والديها للمرة الأولى التي لم تترك في قلبي أثر المرة الأولى لأني أعرف الآن من أين لإنجي بالقلب الذهبي والعذوبة والامل الذي لا ينتهي بغد أفضل.
امضيت ما تبقى من أمسيتي في قهوة البستان مع علي وحمزة ومحمد وميسرة وإمنة التي وصلت من الولايات المتحدة يوم أمس، ثم انتقلنا الى سيلانترو حتى الرابعة صباحا فقد كان النوم في تلك الليلة ضربا من الجنون؛ خفت أن يغمض جفني فيغفل تفاصيل ترتاح لأن تُحفر في ذاكرتي على أن تبقى على ناصية وعيي تنتظرالعام القادم.
توجهت الى منزل طارق لآخذ حقيبتي وأتوجه الى المطار؛ هنا وجدت بيتا ثانيا لي في القاهرة وعائلة صغيرة، أحب فيها كل تفاصيلها بدءا من طارق وإيف وأحمد وانتهاءا في المطبخ الصغير الذي أعددنا فيه عشاء عيد الميلاد وغرفة الجلوس التي تعالت فيها أصواتنا مع صوت لينا شماميان "لما بدا يتثنى حبي جماله فتنا".
الجولة الأخيرة في شوارع مصر الجديدة ومغالبتي لدقائق الساعاة الأخيرة والرسم بالكلمات.
مصر يا اما يا بهيه .. يا ام طرحة و جلابية
الزمن شاب و أنت شابه .. هو رايح و انتى جايه
جايه فوق الصعب ماشية
فات عليكى ليل و ميه
واحتمالك هوهو و ابتسامتك هي هي
تضحكي للصبح يصبح
بعد ليله و مغربيه
تطلع الشمس تلاقيكى معجبانية و صبية
يا بهية
قهوة البستان- قهوة الحرية- أديون
طارق وداليا ومحمد وميسان هكذا بدأت مسائي اليوم، وأحاديث لا تنتهي عن الثورة والشارع والعمل والهموم اليومية، عمرو أحد المصريين الذين التقيتهم في فلسطين وكم طاب لي الحديث عن فلسطين مع عمرو الذي يتقن اللهجة الفلسطينية تقريبا. ترن في أذني إجابته "مِنيح" كموسيقى مارسيل خليفة تغنيها أميمة خليل حين أسأله "كيفك؟". يصل عمرو الى البستان ومن ثم نمشي الى قهوة الحرية في ميدان الفلكي. هنا قابلت علي للمرة الاولى في العام 2006 وكانت لا تزال حقيبتي التي وصلت بها من مطار القاهرة الى جانبي.
نصل الى الحرية ونختار طاولة تتوسط المكان، في الحرية لا شيء يتغير الا روادها. نتحدث قليلا عن الثورة ومستقبل مصر وتبقى الارض عربية. ننتقل للحديث عى الأشهر التي قضاها عمرو في فلسطين ونسهب في وصف فلسطين والمدن التي زارها: الكنافة في رام الله مختلفة والمسخن في جنين طيب، وزيارته الى أراضي فلسطين 48 المحتلة مع الرائع محمد بكري، وأدرك للمرة المليون أني أعشق فلسطين أكثر كلما أبتعدت عنها، ثم نعود الى مصر مع وصول صديق ل عمرو من عائلة الحسيني لا أذكر أسمه. نبدأ حديثا لا ينتهي عن تقسيم العائلات في مدن وقرى فلسطين ومخيماتها وتعود مصر وانتخاباتها ومستقبلها سيدة الحديث.
في الحرية ككل عام يتغير الجالس معي على الطاولة عمرو وصديقه ثم علي وعمرو وعلي وأحمد وننتهي ثلاثة وإيف متوجهين الى فندق ومطعم أديون.
جلسنا أربعتنا نتحدث عن المظاهرات وممارسات العسكر والعمل من أجل غد أفضل. إيف وأحمد من شباب مصر الجميل الذي اتخذ الشارع ثكنة منذ 25 يناير إلا أنهم يعبرون عن كيانهم بشكل مختلف سواءا من ناحية المظهر أو اللغة المستعملة في الحوارات أو المنطق.
لم أنتبه الى اختلافهم عني وربما هي نعمة مُنحنا إياها أن لا تتسع حدقاتنا لنا ولمن أمامنا معا فنراهم هم فقط، انضم الينا لاحقا مغني الثورة رامي عصام حديث سريع جرى بين إيف وأحمد ورامي، دار الحديث عن المعاملة والسجن الذي تعرض له رامي بسبب أغانيه التي آذت مشاعر المجلس الاعلى للقوات المسلحة وهنا أدركت أنا وصديقي ضرورة المغادرة ولا داعي أن أُذكر بإعاقتي الدائمة إن عنّ على بال المجلس العسكري البحث عن رامي.
في طريق العودة الى المنزل في السادس من أكتوبر سيطر على الحديث إيف وأحمد وتوسع ليشمل الكثيرين من شباب مصر الثائر. "همة دول الثوار؟ دول اللي حيجيبوا حق مصر؟ ده شكل ثوار؟" هكذا افتتح صديقي الحديث. ولكي لا أظلم صديقي يتوجب علي أن أخبركم أني أعتبره ولا زلت من شباب العالم العربي الذي أفخر بهم من نواح عدة كالثقاقة والذوق الموسيقي والحس الوطني والقومي بل هو بعض ما يربطني بمصر.
صدقا لم ار في إيف وأحمد ما يعيب الثورة، رأيت فيهما روحا لا تكسر وعنادا وحبا للحياة لا أملكه، ولكن ما نقله لي صديقي يومها أحزنني بعد أن كنت قد أيقنت أن الشارع المصري قد استيقظ على انهم سواء وأن سائق السيارة والعاطل عن العمل والفتاة التي وشمت كتفها والمحاضر الجامعي وربة المنزل والقاضية والموظف والمحجبة والسافرة وكل أشكال المواطنين لهم الحق الآن يثوروا على الظلم والأهانة والجوع والفقر والطوابير الطويلة. لم أتوقع أن يكون للثائر شكل معين، إلا أن صديقي لم يبخل علي ووصف لي شكل الثائر حين سألته "متعلم، ما يطولش شعره، مش حاطط حلق في مناخيره وبيتكلم بدون شتايم وبعدين إيه اللي لابسينه ده.... الخ".
لا أتوقع التغيير بين ليلة وضحاها وأنا ولدت في فلسطين المحتلة وسنوات عمري الثلاثين فيها أخبرتني أن فلسطين ما زالت محتلة وأنها محتلة منذ 64 عاما.
ألم ينتفض المصريون لأنهم تعبوا من الفرقة؟ ألم يثوروا لأن الألم لم يبق في القلب مكان لسواه؟ ألم تختلط الدماء لتملأ بركة واحدة؟ ألم تكن الحرارة والغبار والزحام والوجوه البسيطة سبب عشقي لمصر؟ كيف إذا ستكون مصر بدون ما يمنحها جمالها وكيف ستبقى مصر المرأة التي فتحت ذراعيها لي يوما هي نفس الجميلة التي تفتح ذراعيها لكل متعب؟ أليست هي نفسها ام الدنيا؟ وهل تنبذ الأم أبنائها؟
(يتبع)
أتحدث مع سائق سيارة الأجرة في طريقي الى مطار الملكة علياء الدولي لقتل الوقت. أمامي 35 دقيقة لأصل و95 أخرى تفصلني عن مقعدي في طائرة الخطوط الجوية المصرية و65 دقيقة تبدو لي عمرا كاملا بيني وبين حبيبتي قاهرة المعز.
أنتظر دوري في صف طويل ليختم الضابط المسؤول جواز سفري الفلسطيني، تتصاعد دقات قلبي مع كل خطوة أقترب بها من الضابط "ماذا لو لم يسمح لي بالدخول، كيف سأشرح له أنه من حقي أن أكون هنا، كيف سأترجم له إحساسي بأن لي فيها بمقدار ما له؟"
محطتي الاولى كانت في شارع هدى شعراوي المتفرع من ميدان طلعت حرب والمجاور لميدان التحرير دارت بنا السيارة حول الميدان لتدخل شارع طلعت حرب، تعلقت عيناي بما تبقى من 25 يتاير: بعض الخيم والشباب الجالس حول الرقعة الدائرية التي تتوسط الميدان وعدد من الباعة المتجولين.
سائق السيارة يرمقهم ولكن بعيون مختلفة "شايفة يا آنسة، هنا في كل حاجة، الخيم دي فيها أكل وخمرة وعلاقات بين ولاد وبنات"
حدقت في الخيام الصغيرة المفتوحة من الجانبين "أكل وخمرة وعلاقات بين ولاد وبنات" في خيمة مفتوحة من الجانبين؟ ممكن؟!
وصلت الى مطعم فلفة لا شيء يتغير في القاهرة، جميلة، سريعة، دافئة، هادئة برغم الصخب لا تزال تفتح ذراعيها لي وليس لي وحدي. حوض السمك لا زال في مكانه في مدخل المطعم مفتقدا السلحفاة العجوز التي فكرنا أنا وصديقي ليام منذ ثلاثة أعوام بخطفها واعادتها الى البحر الكبير.
لقاء انجي كان علاقتي بالمكان وتبادل الاحاديث صوتا وصورة بعد عامين من الحديث من خلال شاشتي جهازينا الصغيرين. الضحكات الدافئة نفسها ولكن مع رنات حقيقية اليوم.
هاتفي لا يهدأ أتصل ب مهاـ علي، أسامة، محمد، مؤمن وكل من لا زلت أحتفظ برقمه لأتأكد أني في القاهرة وأنا أقولها في كل مكالمة أجريها.
(يتبع)